السبت، أغسطس 20، 2011

العصر في رمضان قبل ثلاثين سنة

عصر رمضان قبل ثلاثين سنة

في مصابيح و أفنية  ذلك المسجد الطيني المكشوف للهواء الطلق اللافح بصيف حار و يوم قائظ  
و لا يعرف هواء مكيف الشباك و من باب أولى لا يعرف المكيف الاسبلت و قطعا لم يخطر بباله و لم يدر في خلده التكييف المركزي و لا أثر لنسمة هواء بارد إلا صرصرة لمروحة قديمة تزيد من حرارة الجو وتزيد لهيب ذلك القيظ. غير أنه يخالط ذلك الشعور اللاهب بالحرارة تناغم جميل لتلاوة آيات كتاب الله تلطف الجو وتنشر البهجة مما يكون مرتع خصبا و ميدانا بديعاً يتسابق فيه المصلون الصائمون في عصر طويل في يومٍ من أيام رمضان في يوم حار  لا شيء يشغلهم  و لا يقطع إقبالهم على العبادة.  فلم تغزهم الحياة بزخمها و لا وسائل اتصال و لا ضجيج الحياة و همومها لا يعرفون للملل طريقاً  يتسابقون في الخيرات و يسارعون في الرقي في الدرجات. 
ولكي أصور لك أكثر قارئي الكريم دعنى أنقل لك الحدث من بدايته في مسجدنا الطيني الآسر في تلك الفترة   فحين ننتهي من صلاة العصر يشرع العم حمد رحمه الله بقراءة في كتاب أوراقه صفراء . و فيها عبارة (أخواني)  كانت تججل في أذني وسط خشوع و تأمل من المصلين و تشمل صفحاته على الوعظ و التذكير بالجنة و النار و ما أعده الله للابرار.  
وبعد أنتهاء تلك القراءة من ذلك الكتاب يأخذ كل واحد مكانه في ذلك المسجد  ثم يقبلون على كتاب الله فمن لا يحسن القراءة حفظاً يقرأ تلاوة من ذلك المصحف الأحمر الهندي و الذي كان يوزع من الأوقاف في تلك الفترة. و قد تجد في المسجد من يستمع للتلاوة لأنه لا يحسن إلا ذلك فيجلس في المسجد رغبة في الأجر. 
 و حين كنت صغيراً كان أبي متعنا الله به يلزمنا بالجلوس في المسجد حتى الساعة الخامسة إلا ربع ياااالله لا زلت أتذكر ذلك جيداً كان المسجد يتحرك من أصوات القراء فيه الكل مقبل على القرآن لا يعرف غيره عرفوا قدر ذلك الشهر فستغلوا دقائقه قبل ساعاته حفظوا أوقاتهم الكل باقٍ في المسجد الصغير و الكبير وسط تلك الاجواء المفعمة بالروحانية و البساطة و الأنس .......... 
و أدع لك أيها القارئ  الكريم مقارنة حالهم بحالنا و خاصة عندم تعجز عن إيقاظ إبنك لتناول طعام الإفطار فقد نام متعباً بسبب تصفحه للإنترنت و عدم إتمامه للعبته في جهازه المحمول. 

داود

ليست هناك تعليقات: